"العلم هو طريقة للتفكير أكثر مما هو مجموعة من المعارف". تقرأ هذه الحكمة مفتتحا أول فصول هذا الكتاب الرائع المكون من مجموعة من المقالات المنتقاة لعالم الفلك و الكاتب و الأديب و الإعلامي الأمريكي ذي الأصول الروسية كارل ساجان. ببساطة يقدم هذا الكتاب مادة علمية معقدة بصورة أدبية سهلة بل و لذيذة، تذكرنا ببرنامج "العلم و الإيمان" لعملاقنا الراحل "مصطفى محمود" رحمه الله.يهدف الكاتب في كل مقالاته إلى التحريض على المنهج العلمي في التفكير، الذي هو تحليل نقدي متشكك في المقام الأول، لا يتقبل الحقائق إلا بعد اختبارها و إقامة الدليل على صحتها ويرى أن "أهم ترياق للأفكار الخاطئة ألا نأخذ أي شيء كأمر مسلم به". كما يقر العالم المرموق حقيقة هامة، وهي أن "النقص ليس في الذكاء الذي هو متوفر بكثرة، و لكنه في التدريب المنظم على التفكير النقدي الذي هو سلعة نادرة"، ولذلك فإن عامة الناس كثيرا ما يتقبلون الإشاعات و الأكاذيب و يتعرضون للغش والخداع من مروجي الخرافة و مدعي القدرات الخارقة، بل و يرفضون الحقيقة الواضحة بكذب هذه الادعاءات، وهم "نادرا ما يقرون بالجميل لمن ينبههم إلى سذاجتهم". وينصح الكاتب الناس بتصعيب المهمة على هؤلاء الأدعياء بمطالبتهم بإثبات ادعاءاتهم بشكل علمي واضح، "فالادعاءات غير العادية تحتاج أدلة غير عادية".وفي واحد من أمتع فصول الكتاب يحكي لنا الكاتب قصة بداية العالم الجليل "ألبرت أينشتاين" واكتشافاته العظيمة، و التي يروج من خلالها لتغيير أساليب تدريس المواد العلمية التقليدية القائمة على التلقين والحفظ و العرض النظري، لأنها تظلم الطالب وتظلم قبله العلم بإخفاء حقيقته المثيرة الشيقة تحت لحاء قاتم منفر يعافه الدارس (وهو ما يذكرني بكراهية أغلبنا للمواد العلمية أثناء التعليم الأساسي)، ويستشهد على رأيه بمقولة أينشتاين أنه "بوسع المرء أن يقضي على نهم حيوان مفترس في صحة جيدة إن هو أجبره بالسياط أن يأكل بصورة مستمرة سواء كان جائعا أم لا". و يعود الكاتب إلى النقطة الأولى، وهي أن الهدف من التعليم ليس تحزين المعلومات، وإنما تبني التفكير العلمي الناقد و المبدع. وهذه النقطة بالذات تفسر واقعنا المحزن كمجتمع مصري و عربي، فرغم كثرة حملة الشهادات في بلادنا، إلا أن اغلبنا لا ينتهج التفكير العلمي في حياته، فيعيش عشوائيا دون تخطيط، متخذا الخرافة دليلا، فاقدا القدرة على النقد الموضوعي لا يفرق الغث من السمين، وهو ما يترك الفرصة للفاسدين و العاجزين و الطغاة للتحكم في حياتنا و مصائرنا.وفي فصل ممتع آخر، يقارن الكاتب بين العلم الحقيقي و أدب الخيال العلمي و سينماه، معتبرا أن "العلم أكثر تعقيدا و براعة و يكشف عن كون أكثر ثراء و يستثير بقوة شعورنا بالعجب و الاندهاش. كما أن له فضيلة إضافية وهامة – وهي عمق المعاني التي تحملها الكلمات الصادقة"، وعليه فهو يرى أن عرض العلم و تصويره بما يليق به و بما يبرز جوهر يغني عن الخيال العلمي بل و يتفوق عليه.ويرى عالمنا أننا كحضارة بشرية لازلنا في طور الصعود، و أننا لم نصل بعد إلى غاية التقدم، وان هدفنا كبشر في بحثنا الدائم عن الحضارات خارج كوكب الأرض "ليس إرسال الرسائل، فنحن لازلنا صغارا و متخلفين، و إنما هدفنا هو الاستماع".ولا يخفي الكاتب ميله لرفض الأديان و نقدها (أبواه يهوديان)، ويرى أن الكثير من الفظائع و المصادرة على حقوق الناس في التساؤل و النقد و البحث في حقيقة الكون ونشأته قد تمت باسم الدين، لذلك لا يصح أن يكون الدين عقبة في سبيل تطور الحضارة وتقدمها.يعيب هذا الكتاب في رأيي أمران: الأمر الأول عدم توضيح تاريخ كتابة المقالات المتضمنة فيه، وهو أمر في غاية الأهمية لربط المحتوى بواقعنا خصوصا و أن المؤلف قد توفي عام 1996، و التطور العلمي أصبح متسارعا بشكل يصعب ملاحقته. أما الأمر الثاني فهو ركاكة الترجمة في بعض المواضع، والمترجم المجتهد (د.أيمن توفيق) معذور فيما يخص الترجمة، لأن ترجمة المادة العلمية وكما هو معروف ليست بالأمر السهل.الكتاب متوفر بسعر زهيد للغاية رغم جمال غلافه وجودة طباعته و إخراجه، كما انه يخلو تقريبا من الأخطاء الإملائية والمطبعية.أدعو الجميع لقراءة هذا الكتاب والاستفادة منه.
ملاحظة صغيرة:الفروض والنظريات اللي بيقدمها العلم النظري عبر السنين، لا يؤكدها أو يلغيها إلا العلم التجريبي، وبدون نتيجة إيجابية حقيقية بالتجربة لإثبات الفرضية، تبقى الفرضية – بلغة العلم – مجرد إحتمالات وشكوك، مهما كانت تبدو منطقية، رغم أنه يوجد ما يؤمن بها، ويبحث عن طريق لإثباتها، بنهج شكوكي خالص، استنادا على قاعدة مشتركة تم الإتفاق عليها خلاص. كلام كوبرنيكوس و جاليليو كانت كلها "تخمينات" منطقية جدا، مبنية على قاعدة علمية مشتركة متفق عليها، لم يتم تأكيدها تماما إلا بعد ظهور كلام اينشتاين بكام قرن، العلم بصفة عامة بيسمح بالتجديف، مع وجود قاعدة عامة، أو "ما يدل عليه"، والتجديف –ليست كلمة سلبية- والمنهج الشكوكي للعلم بيفتح مساحة كبيرة للمستقبل، ليؤكده أو ينفيه، او يعيد بناؤه من جديد، معتمدا على ماضي تم اثباته خلاص. اجد إن الإنسان المؤمن بالعلم هو مؤمن بوجود مساحة ما أخرى من الغيب/الغير معلوم، ولكنه غيب في فقاعة أخرى، غير الإيمان بالغيب عند الأديان، رغم ان في الأديان يوجد ما يمكن أن نسميه ب "ما يدل عليه" من سياقات تاريخية سابقة، وقف العلم ضد معظمها بكلام عن الخرافة وعدم المنطقية والتحريف، و وقف عند بعضها وقوف مبهم، رافض مع فتح مساحة للعلم بإنه في المستقبل "مع تطور العلم والتكنولوجيا ... إلخ " سوف تعرفون كذا وكذا، بيتهيألي أن الإلحاد لأسباب علمية، هو إلحاد لا يزال محل أسئلة، لأن العلم لم يكتمل بعد، ولأنه مبني على حقائق أولية زي نسبية أينشتاين ونظرية التطور، أن العلم لا يزال في أول الطريق، وأن مساحة الغامض والغير معلوم لا يزال يملأ أكثر من نصف الكوب. وأن العلمي لا يزال يرى في الأسئلة الغير مجابة بعد، أن العلم سوف يجيب بكذا وكذا، مع وجود ما يدل عليه، وأن المؤمن ايضا يرى أنه يوجد حياة أخرى، مع وجود ما يدل عليه. في فقاعة أخرى غير فقاعة العلم. وأجد في النهاية أن السياق الأفضل للقبول بالعلم كمفسر لكل شيء وبانه لا يزال مستمر ولم ينته بعد، هو سياق اللا أدرية. لان مساحة الشك والغامض والغير معلوم فيها أكبر. بس هو في الآخر الإيمان المطلق والإلحاد اليقيني المباشر دول خيارات راديكالية مفهومة ولها تبريراتها الكتير يعني.وبناء عليه تحدث ساجان في فصل (الكون الحامي) بشكل غريب عن تفسيره لتجارب الإقتراب من الموت، وإنه ربط التجربة بحالات التذكر المفاجئ لحالات الولادة تحت تأثير العقاقير المهلوسة في المستشفيات، بشكل شكوكي ومنحاز تماما لصف العلم، لان –بنظره- يوجد من كلام العلم ما يدل عليه، وليس ما يثبته بشكل نهائي، يقول أنه ربما كان، وليس يوجد ما يثبت ذلك، لان هناك من مر بهذه التجارب دون تناول أي عقاقير، ربط ساجان كان غريب، ناتج عن "إيمان" عميق بالعلم، وليس عن تصديق حقيقي بالعلم ناتج عن تجربة، اكتفى فيها بنجاحات العلم الساحقة كقاعدة بني عليها هذا الإفتراض/التجديف. على يقين بانه سيأتي من يؤكد كل هذا، ولو بقدر ما من التعديل.
تقريبا لو كان الكتاب دا اول حاجة قريتها في علوم الكون والفيزياء كان هيبقى شئ مبهر بالنسبة ليا الكتاب جميل .. لطيف جدا .. والافكار والآراء فيه واضحة أظن أن أفضل سن ممكن يتقري فيه الكتاب هو مابين 11 و 16 سنة .. هيساهم في زيادة الشغف بشكل كبير عند أي حد في المرحلة السنية دي وبالنسبة لأي حد هيقراه بغض النظر عن مرحلته السنية هيستمتع بردو وهيحس بلطف في طريقة الكاتب ونوع من الألفة .. واعتقد انه ممكن نعتبره من نوع الكتب اللي تساهم في الراحة الذهنية وفي نفس الوقت تستفيد منه كمعلومات وآراء أكتر مقال عجبني هو اللي بيتكلم فيه عن أينشتاين .. أينشتاين حالة خاصة بالنسبة ليا على المستوى النفسي من أكتر الشخصيات اللي قريت عنهم وعن حياتهم وأعمالهم .. عشان كدا وانا بقرا مقال كارل ساجان عن اينشتاين كنت مبتسم طول الوقت وانا بتذكر المعافرة والدعبسة اللي كنت بنبشها في كل حتة عشان الاقي معلومات عن الاستثنائي " أينشتاين " اليوم النهاردا كان لطيف جدا .. مش دايما يوم الأجازة بيوصل لنصه وانت حاسس بصفاء ذهني ونوع من الرضا كدا :) ..
—محمود حسني
I really love Carl Sagan! His mission to popularize science is admirable and I thought that the Cosmos Series and the film Contact are both wonderful works. That being said... I found Broca's Brain to be quite interesting, but it doesn't hold together as one book. In particular, the chapter on Venus and Dr. Velikovsky was drawn out. Carl Sagan's reflections on the romance of science got bogged down in overly detailed arguments against Dr. Velikovsky's first book "Worlds in Collision". After reading more than 50 pages I thought I was reading a different book. All of the other chapters are much briefer and much more compelling. They can be read separately and virtually in any order. They stand or fall on their own merits. The topics are varied, though connected to the theme of popularizing and understanding science and its applications to the cosmos and the world in which we live.
—Jay
عندما تنتهي من قراءة هذا الكتاب ستكون مُمتنًا للعالم المتميز "كارل ساجن" وللفيزياء الفلكية ولعلم الكون بشكل عام. وستندهش - إن لم يسبق لك قراءة كتب متخصصة في علم الكون كحالي - من قدر المعلومات التي نجهلها فيما يتعلق بالكون الذي نحيا فيه، وستشعر بالضآلة وكأنك نقطة في محيط كوننا العجيب والغريب. و يُعد الكتاب قديم نسبيًا بالنسبة للعام 2014، فقد نُشر للمرة الأولى عام 1974 في 25 مقالة باللغة الإنجليزية، ولكن المترجم "أيمن توفيق" انتقى 19 مقالة فقط وجمعها في هذا الترجمة الجيدة. من المقالات التي أعجبتني فيه؛ "هذا العالم الذي يُغري بالتحرر"، و"المعقول واللامعقول عل حافة العلم"، و"كوكب يدُعى جورج"، و"البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض"، و"الكون بين الإنفجار الكبير والسلاحف"، و"الكون الحامي". الكتاب في مجمله أكثر من رائع، ويستحق القراءة عدة مرات، لا تتأخر في قراءته أكثر من هذا.
—Tarek