What do You think about Paula (2004)?
باولا باولا هي ابنة إيزابيل الليندي التي توفيت سنة 1992 م بعد معاناة طويلة من داء الفيرفيرين – هكذا ترجمه صالح علماني، ولم أسمع بهذا المرض ولا بأعراضه من قبل -، باولا غائبة في هذا الكتاب كما كانت غائبة عن الوعي بفعل المرض، الحاضر في كلتا الحالتين كانت إيزابيل في مرافقتها الدائمة لابنتها العشرينية – 28 عاما ً عندما توفيت – في المستشفى، وفي الحديث عنها قليلا ً، وعن نفسها وتشيلي كثيرا ً في هذا الكتاب. تقول إيزابيل أنها بدأت في كتابة كتابها هذا في المستشفى بعد سقوط ابنتها، كان في بدايته رسالة لباولا علها تقرأها عندما تفيق، رسالة تدون فيها تفاصيل حياة أسلافها، ومن ثم حياتها هي، وتاريخ تشيلي بالتغيرات السياسية والاجتماعية التي طالته في السبعينات، ودفعت بإيزابيل إلى الفرار إلى فنزويلا والعيش هناك لسنوات طويلة. يمكننا اعتبار هذا الكتاب نصف سيرة ذاتية – عادت إيزابيل لتكمل سيرتها الذاتية في كتابها الأخير الذي صدر مؤخرا ً تحت عنوان ( حصيلة الأيام) والذي حمل بوضوح وصف ( مذكرات) وفيه تكمل من حيث توقفت في كتاب باولا -، حافلة بالعمل الصحفي والتلفزيوني والسياسي والكتابي، حافلة بالعشاق العاجلين، وبالحب الذي ظنت أنه لن يأتي – متشوق إلى قراءة مذكراتها عن السنوات الـ 13 التي تلت ( باولا) – من 1992 م وحتى 2005 م عندما شرعت بكتابة ( حصيلة الأيام) لأرى هل ظل ذلك الحب كما وصفته في ( باولا) أم أنها استبدلته بحب جديد -، وبالحديث في الوضع الاجتماعي والسياسي السائد في تشيلي حتى الفترة الانقلابية التي أدت إلى قتل قريبها ( سلفادور الليندي) أول رئيس اشتراكي ينتخب ديمقراطيا ً في التاريخ، واعتلاء أوغستو بينوشيه للحكم. الكتاب محمل جدا ً، كتب بيد روائية عظيمة، وأم حنون، وامرأة وطنية، وتتضح فيه ملامح الثقافة التشيلية – الطبقة التي تنتمي إليها إيزابيل على الأقل – والتي ستبدو غريبة لمن اعتادوا على الروائيين الأوروبيين والأمريكان العقلانيين، حيث تنتشر أرواح الأسلاف، وحكايات النبؤات التي لا تخيب، والأفعال السحرية التي تجلب الحظ.
—Fahad
سيرة ذاتية تقطر حروفها إيزابيل أثناء انتظارها في ممرات وغرف المستشفى المدريدي الذي بقيت تركض منه وإليه كل يوم على أمل أن تفتح باولا عينيها الجميلة لتقول وهي نصف مغمضة بعد النوم الطويل : أحبك يا أمي , كتبت لتطوف في عمرها وهي تشاهد الموت يتربع فوق رأس باولا تارة ويختفي أخرى وكأنه يمازحها , مثلما كان في فترات قديمة من عمرها في الانقلاب لعسكري وتبعاته حينما كانت تحمل هموم المطلوبين للنظام المستبد ما كانت لتهابه أبداً مثلما هي الآن لأن الموت يغازل حياة باولا أبنتها الحبيبة , تتشبث بكل الخيوط التي تلقيها السماء لها كأمل واهن ضعيف لكنه كافي لأم تريد أي قشه لتستطيع عبور المحيط الهائج الذي ألقيت فيه ابنتها حينما تضاعف مرضها أكثر فأكثر , إزابيل في سيرتها الروائية تكتب بسخرية من كل هذا العمر وكل المآسي التي مرت بها لتقول أن لا شيء يساوي فقدانك يا أبنتي تترجاها لتعود تستمع إليها تطرق كل الأبواب حتى تلك الخرافية , وتحكي لها تفاصيل ودقائق كل ما يتعلق في إيزابيل حينما كانت طفلة بكل الخرافات التي كانت تعيشها بالقرب من جدتها و الأرواح تطوف حولها في منزلها القديم عن رسائل مخربشة وطفولية تبعث بها لروح جدتها الحاضرة تشبكها بستائر التاتا و حبها الخفي لذلك العجوز الذي كان حاضراً في كل مراحل حياتها رغم انها أدركت – ككل الأشياء الجميلة – عمق حبها له بعد فوات الأوان, تسرد في كتاب لن تقرأه باولا أبدا كيف طرق النضوج بابها , كل ألعابها الخفية و تسليتها البريئة, العمر الذي قضته وهي تحارب الممل و الحياة الروتينية لتعود و تأخذ بيد زوج باولا بعد ان سرق منه المرض جسداً كان بالأمس حبيباً وقريباً وشهياً في المنتصف تماماً علمت أن باولا لن تعود أبداً أدركت ذلك جيداً لكنها وبقلب أم حزينة ترفض أن تقر بشكل نهائي بتلك الحقيقة الواضحة ,حينما انتهت من قصة طفولتها وحياتها والتذبذب الذي أحدثه غياب أب مفاجئ إلى تنقلات كثيرة زعزعتها تنظر لعيني باولا التي لم تعد تعي شيئا خارت قواها إلا أنها لم تقتل الشجاعة وروح المقاومة في قلبها ,صفحات ساخرة بألم , كتبت من أجل ان تبقى باولا لكن الموت سحب البساط من تحت الحياة فنثر رماد باولا في الغابة التي أحبتها ازابيل وأصبحت من جسد ميت هش إلى عالم يحيط بقلب أمها تتوحد معها في ساعات الحزن وتبقى ترقبها من بعيد لتطمئن بأن سعادة أمها كاملة .
—Mashael Alamri
فتنة... عن الحياة والصغائر والنظام والغد المطمئن والبلاد المستقرة والعيش الهني، فتنة عن الجسد المطاوع والأمومة الهادئة والأدوار الرصينة والغرباء، فتنة عن التصنع والسرد المتكلف والوصف المغالي عن البطل والسارد والراوي.كنت قد ظننت أن لا رواية تستطيع حرماني من النوم أو الأكل، وانه قد انقضى زمن القراءة بالتلهف والبكاء الداخلي، كنت من قبل (باولا) اتجلد لاحتمالات كثيرة، أصابني منها ما أصاب، ولكني الآن وقد أشرعت روحي لكل هذا الدفق من العواطف، أنهي الكتاب متشبثة به، أغلقه وقد تثنى غلافه لفرط ما أدخلته حيزي الشخصي، ثنيات تدلني أنه صار من أشيائي الحميمة، وأنني بقربه استحضر الأرواح التي طافت عوالمه فلربما ساعدتني أيضًا...لن انفك من عقد الصلات الشخصية مع هذا الكتاب، وما استطيع البوح به الآن، أنني قد ولدت في السنة التي كُتب فيها، سنة 1992 حين ماتت باولا، وودعت إيزابيل باولا المرأة لتستقبل باولا الروح، أي أم هذه! أي روائية! وضعت حياتها وسيرتها على طرف سرير المريضة المتهالكة، التي لم يفتك بها السرطان أو جراثيم العصر المتخلقة حديثًا، إنما غيبها داء (الفرفيرين) النادر، والذي يسحب ضحاياه إلى نوم عميق، تتعسر معه محاولات الشفاء، لتبدأ أعضاء الجسد بالرحيل البطيء المؤلم، لا للمريض -فهو عاجز عن الإحساس بشيء- إنما للأحبة من حوله، والذين يشهدون ذوبانه يومًا إثر يوم، وشهرًا بعد شهر، ولا يستطعيون مهما حاولوا، إزاحة طيف المريض في حالته السابقة، بنشاطه وشبابه وحيويته، إنه المرض الأمثل لابنة روائية، مع كل أسف!ستتعب حين تقرأ هذا الكتاب، ستبكي وتضحك وتندهش وهذا كل ما يمكن لكتاب جيد أن يصنعه، ولكنك ستفكر وتتأمل وهذا ما تصنعه الكتب الممتازة، ستضع يدك على معدات إيزابيل السحرية، تلك التي تفقد مفعولها ما إن تغادرها صاحبتها، وإما ان تشعر بالوحدة مع باولا وأمها المتلاشية، أو أن تغلق الكتاب، شعور غريب حقًا أن تقرأ رواية تتبطنها سيرة حياة، ستفكر في البحث عن الفقرات أو الأحداث المبتدعة لكن طيف باولا سيمنعك، فهو من الشفافية بقدر يستحيل معه التأليف، ولمرة فريدة ستشعر بالعتب على النقط الثلاث التي تضمر المقول، ستستنطق النص لمرة واحدة فريدة، على الرغم من الصفحات التي كادت تتم الخمسمئة، ستتعب لتجد الراحة فيه أيضًا.تتصالب شعوذة إيزابيل مع سحر صالح علماني في ترجمة سيالة متدفقة، تعجز معها عن الشعور باختلاف اللغة وبأن النص الذي بين يديك مجرد نسخة عن الأصل.علمني هذا الكتاب كيف أبكي بصمت، مرحبة بكل ما سيحدث لي، وهانئة بتذكر كل ما كان، علمني أن الرواية عالمي.
—Khadija Maqableh